{وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ} أي عند الله جل وعلا {مِنْ خَلاقٍ} وقال: {فِي الآخِرَةِ} لأنه يتبين فيها الخسران الحقيقي، وفي الدنيا أيضًا ليس له نصيب، فما يحصله إنما يحصل ضرراً، ولذلك قال الله جل وعلا: {وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى} [1] وهاذا يشمل ما يكون من المنافع في الدنيا وما يكون من المنافع في الآخرة، فإن الله -جل وعلا- نفى الفلاح عن الساحر، وهاذا النفي يشمل نفيه في الدنيا ونفيه في الآخرة، وإنما نص هنا على الآخرة لأنه بها يحصل التفاضل والتمايز بين الناس، وأما الدنيا فقد يحصّل الساحر من مقصوده ما يظن أنه حصّل به نصيباً، وأن له نصيبًا، لكن في الآخرة يتبين خسرانه، وقد قال الله جل وعلا في هاذه الآية: {وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ} فبيّن أن تعلمه ضرر لا منفعة فيه، وأن ما يظنه السّاحر أو من يتعاطى السِّحر من المنافع ليس نافعًا في الحقيقة، بل هو ضرر في نفسه وضرر في عقيدته.
إذاً مناسبة هاذه الآية لهاذا الباب: بيان حكم السِّحر وأنه كفر، ولكن كما ذكرنا لكم أن هاذا لا يصلح أن يكون في عموم أنواعه وأصنافه؛ بل هو في السحر المتلقى عن الشياطين، وهو واضح لمن تأمل الآية، فإنّ الآية واضحة في الدلالة على هاذا.
(1) سورة: طه، الآية (69) .