فليس مقصودًا أن يُتعبّد الله -جل وعلا- في المقابر، إنّما لكون الإنسان يزورهم يدعو لهم، فالدعاء هنا تابعٌ للزيارة وليس مقصودًا به هاذا المكان بعينه.
فقوله: (( لا تجعلوا بيوتكم قبورًا ) )أي: لا تعطِّلوها عن العبادات التي لا تكون في المقابر فتكون كالمقابر، فلا تعطِّلوها من الصلاة ولا من الذكر ولا من قراءة القرآن، ولا من غير ذلك من أنواع العبادة.
(( ولا تجعلوا قبري عيدًا ) )هاذا النهي الثاني، ومعنى العيد في اللغة: هو ما يعتاد مجيئه وقصده، هاذا معنى العيد، ما يُعتاد مجيئه وقصده من الأماكن والأزمنة، فالعيد يُطلَق على الأماكن ويطلَق على الأزمنة.
مثال أعياد الأماكن: المشاعر، مكة، البيت الحرام، مِنى، مزدلفة، عرفات، هاذه أعياد لأهل الإسلام جعلها الله -سبحانه وتعالى- أعيادًا للحنفاء يعتادون مجيئها وقصدها ويتعبدون الله عز وجل بمجيئها وقصدها، وهاذا من الأعياد المكانية.
فكل ما اعتاد الناس قصده ومجيئه على وجه التعبد فإنَّه عيد؛ لأنهم اعتادوا المجيء إليه واعتادوا قصده.
النوع الثاني مما يتخذ عيدًا: الأزمنة، وهو المشهور في الاستعمال، فإنَّ المشهور في الاستعمال إطلاق العيد على الأزمنة، فكلُّ ما اعتاد الناس مجيئه من الأزمنة واجتمعوا له وفرحوا به فإنَّه عيد، ومن ذلك عيد الجمعة في الأسبوع وعيد الأضحى وعيد الفطر، فهاذا من الأعياد الزمانية.
هل الأعياد عادات أم عبادات؟
الأعياد عبادات، هاذه قاعدة اضبطها: الأعياد عبادات.
ولذلك لا يجوز أن يُحدَث فيها ما لم يأت به الشّرع، فكل من أحدث عيدًا مكانيّاً أو زمانيّاً فإنَّه قد ابتدع في دين الله، وشرَعَ ما لم يأذن به الله.
وعلى هاذا نعلم خطأ وبطلان هاذه الأعياد المحدَثة التي يحتفل بها بعض الناس، كعيد الأم وعيد الحب .. ما أشبه ذلك من الأعياد المحدثة، ويقولون: إن هاذه عادات.