الصفحة 393 من 952

و (التوحيد) قد تقدم بيانُه، والمقصود بالتوحيد هنا ما هو؟ التوحيد المقصود به توحيد الإلهية، وأيضًا توحيد الربوبية، والأسماء والصفات، فالنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قد حمى جميع ذلك، وهو ظاهر في الأحاديث التي مضت، وسيتبين أيضًا في الأحاديث التي ستأتي.

قال رحمه الله: (وسده كلَّ طريق يوصل إلى الشرك) ؛ (سده) : أي منعه وإغلاقه لكلِّ طريق يفضي إلى الشِّرك، ويؤدي إلى مخالفة التّوحيد، فرسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عمِلَ على حفْظ التّوحيد من جهتين:

الجهة الأولى: الحماية والحفظ لحمى التّوحيد وجناب التّوحيد.

والجانب الثاني: سده -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لكلِّ ما ينقض التوحيد ويُفضِي إلى الشرك.

وذكر المؤلف -رحمه الله- في هاذا الباب آيةً وحديثين:

أما الآية فهي قول الله تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} [1] ، هاذه الآية الكريمة فيها بيان وصف رسولِ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ذكرَ فيها الله -جل وعلا- عن رسولِه أمورًا، وأكَّدَ ذلك بالقسم، وباللام الموطئة له، وبـ (قد) ، فهناك ثلاثة مؤكدات كما هو معروف من هاذا الأسلوب، {لَقَدْ} فيها ثلاثة مؤكدات.

{جَاءكُمْ} الخطاب في هاذا قيل: إنَّه لقريش، وقيل: إنه للعرب، وقيل: إنَّه للناس. والأخير هو أقربها للصواب؛ لأن التوبة من آخر السور نزولاً.

قال الله جل وعلا: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ} [2] . هاذا خطاب لجميع من اتصف بالإيمان، وليس خاصّاً بالعرب أو بقريش، فالخطاب في قوله: {جَاءكُمْ} لجميع الناس وليس خاصّاً بالعرب؛ لأن هاذه الآية من آيات سورة التوبة وهي من آخر السور نزولاً.

(1) سورة: التوبة، الآية (128) .

(2) سورة: آل عمران، الآية (164) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام