الصفحة 391 من 952

أما مناسبته للباب الذي قبله: فإنَّ الأبواب السابقة تضمنَّت من الأحاديث ما يفيدُ ما ترجَم له المؤلف -رحمه الله- في هاذا الباب، فلأهمية هاذه الفائدة وعُمْق صلتها بكتاب التوحيد جعلها -رحمه الله- في ترجمٍة خاصة، فهاذا الباب هو تأكيدٌ لما استفيد من الأحاديث في الأبواب السّابقة، فإنَّ فيها حماية النبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جنابَ التوحيد، وعنايته بسَد كل طرق الشرك ووسائله وأسبابه المؤدية إليه.

إذًا مناسبة هاذا الباب لما قبله هي: بيان فائدة تضمنتها الأحاديث في الأبواب السابقة والتنصيص عليها.

يقول المؤلف -رحمه الله- في الترجمة: (باب ما جاء في حماية المصطفى) . (حماية) : أي صيانة ورعاية وحفظ، كلُّ هاذا يدخل تحت معنى الحماية.

(والمصطفى) المراد به رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وذكره بهاذا الوصف لأنَّه من أعظم الناس اتِّصافاً بهاذا الوصف، فإنَّ الله -جل وعلا- يصطفي من خلقه ما يشاء، اصطفى من الملائكة رسلاً، ومن الناس رسلاً، أعظم المصطَفَين هو رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ولذلك كان هاذا الوصف علمًا له -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فإذا قيل: المصطفى لم ينصرف الذهن إلا لرسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ لأنَّه قد حاز من الاصطفاء الدرجة العليا، فهو أوفر المصطفَين نصيبًا من الاصطفاء.

والمصطفى مأخوذ من الصّفوة، وأصلها (مصتفى) بالتاء فقلبت تاؤها طاءً، والمقصود أنَّه مأخوذ من الصفوة، والصفوة هي الخلاصة من الشيء، فمعنى (المصطفى) أي الخلاصة من أوليائه وعباده، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

لكن هل يستغني بهاذا الوصف عن غيره من الأوصاف؟

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام