الصفحة 381 من 952

(فعكفوا على قبره) أي: لازموا قبره، فوقع بسبب ذلك الشرك، إلى أن آل بهم الأمر إلى عبادته من دون الله -عز وجل-. وانظر إلى نوع الغلوّ الذي وقع فيه هؤلاء، وهو العكوف عند القبر، وهو الملازمة، لم يذكُر أنهم بنَوا إنما ذكر الملازمة، فملازمة قبر صالح هي من صور الغلوّ فيه، التي يجبُ على المؤمن أن يتخلى عنها وأن لا يقع فيها، ولو لم يبن عليه، ولو لم يميّزه دون غيره من المقابر، مجرد الملازمة سببٌ لوقوع الشرك، وهاذا ما جرى من هؤلاء.

يقول: (وكذا قال أبو الجوزاء عن ابن عباس) يعني: في تفسير الآية (كان يلتّ السويق للحاج .. فعكفوا) يعني: (على قبره) ووقع الشرك بسبب هاذا العكوف وهاذه الملازمة.

وفي بعض التّفاسير في تفسير هاذه الآية أنَّهم عكفوا على الحَجَر الذي كان يلت عليه السويق، فاتخذوا أثرًا من آثاره فوقعوا في الشّرك، وهاذا يدلُّ على أنَّ التبرك بآثار الصالحين من أسباب الشرك، حيث إنَّ هؤلاء طلبوا البركة من هاذه الصخرة، أو من هاذا الحجر الذي كان يلت عليه السويق فوقعوا في الشرك، وهاذا من الأدلة الدالة على تحريم تتبّع آثار الصالحين، أو اعتقاد البركة فيها، فإنَّ ذلك من أسباب الوقوع في الشِّرك.

قال: (وعن ابن عباس -رَضِيَ اللهُ عَنْهُما- قال: لعن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زائرات القبور) .

(لعن) : هاذا خبر عمَّا جرى، أو خبرٌ عن إخبار النبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، لعن في هاذا السياق هو خبر عما جرى من النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أي: أخبر ابن عباس أنَّ رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لعن زائرات القبور بالدعاء عليهن.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام