الصفحة 380 من 952

وما يجري مما يفعله ضعفاء العقول من التَّمَسُّح بما حول القبر من حديد، أو من التوجه إلى القبر من الخارج في الدعاء والسؤال، أو ما أشبه ذلك من الأفعال، هاذا لا يعارض قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( اللهم لا تجعل قبري وثنًا يعبد ) )فهؤلاء كالذي أشرك به في أي مكان آخر؛ لأنهم لم يتوصلوا ولم يخلصوا إلى القبر، والذي سأل رسولُ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ربَّه ألا يقع الشرك عند قبره، أما أن يكون في خارج المكان فهاذا لم يأت سؤاله من رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لربه، فلم يقل رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: اللهم لا تجعلني سببًا لوقوع الشرك في أمتي، أو ما أشبه ذلك، إنما دعا دعاءً خاصّاً، وهو ألا يكون قبرُه سببًا للشرك بالله عز وجل، وهاذا من حرصه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على تحقيق ما جاء في الدعوة إليه، وهو عبادة الله وحده، فإنَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قام بالنذارة من الشرك إلى الرمق الأخير -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ثم رغِب إلى ربه أن يحفظ دعوته في قبره فلا يقع عند قبره شيء من الشرك، ولا يصير قبره وثنًا يُعبد من دون الله.

قال رحمه الله: (ولابن جرير بسنده عن سفيان عن منصور عن مجاهد: {أَفَرَأَيْتُمُ اللاتَ وَالْعُزَّى} [1] . قال) يعني في تفسير هاذه الآية (كان يلتّ لهم السَّويق) ؛ (يلتّ) أي: يبُلُّ، (السويق) والسويق دقيق الحنطة، يبله بماء أو سمن أو ما يبلل به السويق.

(كان يلت لهم السويق فمات) أي: هاذا الرجل الصالح الذي يسعى في خدمة الحاج.

(1) سورة: النجم، الآية (19) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام