الصفحة 359 من 952

(قال -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو كذلك) يعني: على هاذه الحال وهاذه الصفة، (( لعنة الله على اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) ). اللهم صل وسلم على رسول الله، ينصح للأمة وهو في هاذا الكرب الشديد، وقد نُزِل به -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ينصح للأمة ويحذِّرها من سلوك سبيل من تقدَّم من الأمم، فيقول: (( لعنة الله على اليهود والنصارى ) ). واللعن هنا يَشمَلُ الجميع، يعني: هو لعن لهاذه الفئة بجميعها وكذلك النصارى.

وهاذا اللعن لفئة أو لوصف؟ لفئة متصفة بأوصاف جاء ذكرها في كتاب الله -عز وجل- وفي سنة رسوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، واليهود لم يستحقوا اللعن لكونهم يهودًا إنما لفعلهم، وإلا فالهَود هو التوبة، فاللعن ليس للاسم إنما لمن تسَمَّوا به فصار علمًا عليهم، وإن كانوا لا يتحققون بمعنى هاذا العلم، وكذلك النصارى فإنها من النصرة، كما قال عيسى بن مريم: {مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ} [1] . ولذلك سموا بالنصارى، ولكنَّهم ليسوا بنصارى، أصبح هاذا علماً عليهم وإن تخلف في حقهم الوصف.

(( لعنة الله على اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) )ذكرَ اللَّعن وهو سؤال الطرد من رحمة الله -عز وجل- ونزول السوء والشَّر بمن لُعِنَ، ثم ذكر سببَ اللعن فقال: (( اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) ). وهاذا يفيد أنَّ كلَّ من فعل ذلك فإنَّه مستحق للعن، وهاذا يدل في أقل ما يدلُّ عليه أن هاذا الفعل من كبائر الذنوب، كما تقدَّم في الكلام على قوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (( أولئك شرار الخلق عند الله ) ).

(1) سورة: آل عمران، الآية (52) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام