الصفحة 358 من 952

قال -رحمه الله- معلِّقاً على هاذا الحديث: (فهؤلاء جمعوا بين فتنتين) . (هؤلاء) المشار إليه من ذكرتهم أم سلمة -رَضِيَ اللهُ عَنْها-، والذين قال فيهم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (( أولئك شرار الخلق عند الله ) ). (جمعوا بين فتنتين) أي: شَرَّين يحصل بهما الانصراف عن الحق والوقوع في الباطل: فتنة القبور، وفتنة التماثيل، (فتنة القبور) وهي تعظيمها، (وفتنة التصاوير) وهي الفتنة بالمقبور؛ لأن التمثال صورة للمقبور.

فهم لا يعبدون الصور لكونها حجرًا والتماثيل لكونها أخشابًا مثلاً، إنما لكونها تذكرهم بالمقبورين، فهاذا الحديث حذَّر من هاتين الفتنتين: من الغلو في القبور، ومن الغلو في المقبورين، وذكر سبباً وصورة، صورة من صور الغلو في الصالحين وهي أن تجعل لهم التماثيل، وأما القبور فصورته البناء عليه، وسيأتي مزيد ذكر لصور الغلو في القبور.

المهم أن هؤلاء جمعوا بين فتنتين: فتنة القبور، وفتنة التماثيل.

قال: (ولهما عنها) ؛ (لهما) للشيخين (عنها) عن عائشة رضي الله عنها، قالت: (لما نُزل برسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) . نُزل به أي: حضرته الوفاة.

(طفق يطرح خميصة له على وجهه) . (طفق) من أفعال الشروع، أي: شرع يجعل خميصة -وهي قطعة من القماش- على وجهه؛ لشدة ما يجد -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من سكرات الموت.

(فإذا اغتم) أي: إذا بلغ الشدَّة والكرب كشفها.

(فقال) يعني: وهو في هاذه الحال وهي حال المنازعة وحال خروج الروح.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام