الصفحة 357 من 952

فقال بعضهم: إن قوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (( أولئك شرار الخلق عند الله ) )يدل على أنَّ بناء القبور على المساجد من كبائر الذنوب؛ لأنه من أسباب الشرك.

وقالوا: ويَحتمل أن يكون المراد بقوله: (( أولئك شرار الخلق عند الله ) )أنَّه كفر بالله عز وجل.

والظاهر أن هاذه الاحتمالات ترجع إلى اختلاف قصد الفاعل، فمنه ما يكون من كبائر الذنوب ومن أعظم الخطايا دون الشرك، ومنه ما يكون كفرًا وشركًا بالله عز وجل، والمقصود أن الحديث دل على تحريم هاذا الفعل.

واعلم أن الأمة اجتمعت، اجتمع علماؤها وأجمعوا على أنَّه لا يجوز بناء القبور على المساجد، وأنَّ بناء القبور على المساجد محرَّم، فهاذا مما أجمع عليه العلماء وأحاديثه مستفيضة؛ بل هي متواترة كما قال ابن حزم رحمه الله، الأحاديث في النهي عن البناء على القبور واتخاذ القبور مساجد متواترة، ولذلك لم يُنقل عن أحد من العلماء تسويغ البناء على القبور، ومن نقِل عنه الكراهة قال ابن القيم رحمه الله: فمراده كراهة التحريم، وهاذا من باب إحسان الظن بالعلماء، وأنهم لا يمكن أن يخالفوا ما تواتر النص على تحريمه والتحذير منه وبيان سوء عاقبته.

فلا يمكن أن يقول رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في أمر: (( أولئك شرار الخلق عند الله ) )ثم يكون هاذا الأمر غايته أنه مكروه، أي: دون المحرَّم، بل هو من كراهة التحريم، ومعلوم أنَّ السلفَ كانوا يطلقون الكراهة على المحرَّم.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام