هاذا هو الباب الثاني، أو هاذا هو أول باب ذكره المؤلف رحمه الله بعد المقدمة، فإن في المقدمة التي قدم بها بعد ذكره لعنوان الكتاب أنه كتاب التوحيد بين مضمون الكتاب وأنه يبحث في الغاية من الوجود، ويبحث فيما بعث الله الرسل من أجله، ويبين حق الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- على عباده. ثم في هاذا الباب أتى المؤلف -رحمه الله- ببيان فضل التوحيد؛ ليشجع على تحقيقه والعمل به والأخذ به والبعد عن ضده، ولا يمكن لأحد أن يحصّل هاذه الفضائل إلا بعد العلم به، فإن العلم بالتوحيد هو سبيل العمل به، وإذا عمل به الإنسان حصّل ما رتّب الله -عز وجل- من الفضائل على التوحيد.
قال رحمه الله: (باب فضل التوحيد) . أي: باب بيان فضل التوحيد، فالمؤلف رحمه الله جعل هاذه الترجمة مدخلاً لبيان ما امتاز به التوحيد وما فضل به عن سائر العمل. ثم قال رحمه الله: (وما يكفر من الذنوب.)
التوحيد في قوله: (باب فضل التوحيد) في الأصل المراد به توحيد الإلهية، وإذا قلنا: توحيد الإلهية فإنه يتضمن توحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات، فإن من حقق توحيد الإلهية لا بد أن يكون حقق نوعي التوحيد: توحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات، فهاذا الفضل لتوحيد الإلهية الذي لا سبيل إلى تحصيله إلا بتحصيل توحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات، فهاذا فضل التوحيد بجميع أنواعه، فالفضل للتوحيد بجميع أنواعه للغاية والوسيلة.
قال: (وما يكفر من الذنوب) .
(ما) هنا أحسن ما قيل فيها أنها مصدرية، يعني والتقدير: وتكفيره الذنوب، باب فضل التوحيد وتكفيره الذنوب.
ويصح أن تكون (ما) موصولة ويكون المعنى: والذي يكفره من الذنوب.
ويصح أن تكون استفهامية ويكون المعنى السؤال عن: ما الذي يكفره التوحيد من الذنوب.