الصفحة 316 من 952

الجواب الثاني: وهو الذي رجحه جماعة، ومنهم شيخنا -رحمه الله-: أنَّ هاذا خاص بأبي طالب، أن هاذا مما اختص الله به أبا طالب، أنه لو قالها في تلك الساعة لنفعته، وأما غيره فإنَّ هاذه الساعة ليست ساعة توبة وأوبة؛ لأنه إذا غرغر الإنسان وبلغت الروح الحلقوم وكان الإنسان في ساعة الاحتضار لم يقبل منه توبة ولا رجوع.

وهاذا الجواب الثاني جواب جيد في الحقيقة ولا إشكال فيه، ودليل الخصوصية أن أبا طالب له من الخصوصية ما ليس لغيره، فإن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شفع في تخفيف العقوبة وقُبلت الشفاعة فيه، ثم إنه فعل من النصرة للنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولدين الإسلام ما لم يفعله أحد من أهل الشرك والكفر، فهاذا دل على أن ما عُرض عليه إنما هو على وجه الخصوصية.

(فقالا له) الضمير يعود إلى عبد الله بن أبي أمية وأبي جهل.

(فقالا له: أترغب عن ملة عبد المطلب؟) . والرغبة معناها: الترك، يعني: أتترك ملة عبد المطلب؟ ومن هاذا نفهم أن ملة عبد المطلب ليست هي لا إلاه إلا الله، وأنه لم يكن على ما كان عليه النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، بل كان على أمر يخالف ما يدعو إليه النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فكان على الشرك.

ومنه نعلم أن عبد المطلب كان مشركًا؛ لأن نسبة الملة إليه ومقابلتها لما دعا إليه النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تبيّن لنا حاله.

ثم نفهم من هاذا أن المشركين يفهمون معنى لا إلاه إلا الله، كما سيبين المؤلف رحمه الله في المسائل، إذ إنهم جعلوا هاذا القول يقتضي عملاً، وهاذا القول يخالف ما هم عليه، ففهموا من لا إلاه إلا الله ما لم يفهمه كثيرٌ من المتأخّرين.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام