الصفحة 315 من 952

(( أحاج لك بها عند الله ) ). قال بعض العلماء: أي أجادل لك بها الله جل وعلا. وقال آخرون: المحاجة المراد بها هنا الشهادة كما جاء في رواية أخرى، وهي رواية مسلم: (( أشهد لك بها عند الله ) )وهاذا المعنى أقرب، وهو تفسيرٌ لهاذه الرواية، فالمراد بالمحاجة: هو الشهادة له بأنَّه قال الكلمة التي يكون بها مسلمًا.

(( قل: لا إلاه إلا الله، كلمة أُحاج لك بها عند الله ) )وهاذا القول فيه إشكال، يعني: قول النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (( أُحاج لك بها عند الله ) )فيه إشكال، من جهة أن أبا طالب قال هاذه الكلمة التي طُلبت منه في ساعة الاحتضار، وقد قال الله جل وعلا: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ} [1] والتي بعدها: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ} [2] . انظر إلى قوله: {حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ} . وهو ما وقع في هاذا الحديث، حيث قال: (لما حضرت أبا طالب الوفاة) . يعني: لما حضره الموت، فالآية تدل على أن التوبة تنقطع بحضور الوفاة، بحضور الموت، والحديث يدل على أن هاذه الكلمة تنفع، ولذلك قال له النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (( قل: لا إلاه إلا الله، كلمة أحاج لك بها عند الله ) ). فأجاب العلماء رحمهم الله عن هاذا الإشكال، أو على هاذا الإشكال بجوابين:

الجواب الأول: قال جماعة منهم: إن حضور الوفاة هنا هو نزول ما يموت به الإنسان، ولا يلزم أن يكون في ساعة الاحتضار التي ذكرها الله في الآية: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ} . وانفكوا من الإشكال.

(1) سورة: النساء، الآية (17) .

(2) سورة: النساء، الآية (18) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام