الصفحة 314 من 952

(عن أبيه) وهو حَزْن، من الصحابة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قال: (لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وعنده عبد الله بن أبي أمية وأبو جهل) .

(حضرت) : أي نزلت الوفاة، وحضور الوفاة يطلق على أمرين:

يطلق على نزول علامات الموت وكون الإنسان في سياق الاحتضار وسياق الموت.

ويطلق أيضًا على نزول الموت بمعنى نزول بداياته، وليس النزول الذي يكون فيه الإنسان محتضرًا في سياق الموت، يعني: نزل به ما يُعلم منه أنه يموت منه.

فعندنا قوله: (لما حضرت الوفاة) يحتمل أنها حضور العلامات التي يكون الإنسان فيها في سياق الموت، والثاني: أنه نزل به ما يموت منه وإن لم يكن قد قارب الموت.

والذي يظهر من سياق الحديث أنَّ المراد: ساعة الاحتضار؛ لأن هاذه المجادلة والمراجعة التي كانت بين رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وبين هؤلاء الذين حضروا محاورة المشفق الذي يريد أن يستبق فوتًا، ويأخذ شيئًا قبل أن يمضي.

قال: (لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وعنده) يعني: عند أبي طالب (عبد الله بن أبي أمية وأبو جهل، فقال له:(( يا عم ) )).

وهاذه كلمة فيها من التلطف والشفقة والحنو ما يستوجب قبول ما يدعوه إليه.

(( يا عم، قل: لا إلاه إلا الله ) )وهاذا القول مفتاح الجنة، وهو مفتاح الإسلام، فمن قاله دخل في الإسلام.

(( قل: لا إلاه إلا الله ) )ولم يقل: وأني رسول الله؛ لأن هاذا معلوم، ولأنه في الظاهر أن أبا طالب لا يُنكر رسالة النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، لكنه لم يقبل ما جاء به، فهو يصدقه فيما يقول لكنه لم يقبل منه، فعرض عليه هاذه الكلمة التي إذا حصَلت ثبت له ما بعدها من الشهادة للنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالرسالة.

(( قل: لا إلاه إلا الله، كلمة أُحاج لك بها عند الله ) ).

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام