ثم قال المؤلف رحمه الله: (وفيه عن ابن عمر أنه سمع رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول إذا رفع رأسه من الركوع -أي في الركعة الأخيرة من الفجر-:(( اللهم العن فلانًا وفلانًا ) ). بعد ما يقول: (( سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد ) ). فأنزل الله: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ} .)
هاذا الحديث مناسبته للباب واضحة، وهي: أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لا يملك أن يلحق الضرر أو ينزل السوء بأعدائه وخصومه، ولذلك سأل الله جل وعلا أن يلعنهم في قنوته (فقال:(( اللهم العن فلانًا وفلانًا ) )). هاذا من وجه. ومن وجه آخر أنه أيضًا لا يملك شيئاً، حيث إن الله عز وجل منعه حتى الدعاء عليهم بهاذه الصفة وهي اللعن المعين، فإذا كان كذلك فهو لا يملك أن يجلب لمن دعاه أو سأله أو استغاث به خيرًا أو يدفع عنه ضرّاً فيما لا يقدر عليه إلا الله عز وجل، أو بعد موته، وعلى هاذا فإنه لا يجوز الاستغاثة به ولا سؤاله ولا شيء من ذلك؛ لكونه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عبداً ليس له من الأمر شيء، كما قال الله -جل وعلا- في هاذه الآية التي كان من سبب نزولها هاتان القصتان: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ} .