الصفحة 267 من 952

لأن الله جل وعلا قد يتوب عليهم، ويدل على أن هاذا هو علة النهي تمام الآية، حيث قال -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ} . فقد تقع منهم التوبة فيسلمون، وقد وقعت التوبة كما أشارت الآية من كثير من هؤلاء: فأبو سفيان قائد حزب الكفار في تلك الوقعة أسلم وحسن إسلامه -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-.

وهاذا الحديث يدل على أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ليس في يده شيء من الأمر، وأنه ليس له شيء من الأمر، فإذا كان النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- منعه الله من أن يقول هاذه الكلمة التعجبية التي قد تكون صادرة عن انفعال حالي من شدة ما أصابه ووقع عليه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فكيف بمن يظن أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقدر أن يفعل ما لا يفعله إلا الله جل وعلا؟ فقد أبعد النجعة وأخطأ خطأً واضحًا بينًا.

(( كيف يفلح قوم شجوا نبيهم؟ ) ). فجاءت هاذه الآية: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ} . لا الأمر الشرعي ولا الأمر الكوني، وهاذا مهم أن تعرفه، فإن الأمر هنا يشمل الأمرين، فالأمر الكوني فهو لله جل وعلا: {أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ} [1] ولا الأمر الشرعي؛ لأن الشرع هو شرعه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، والنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إنما يبلغ شرع الله جل وعلا، كما قال -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (03) إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى} [2] .

(1) سورة: الأعراف، الآية (54) .

(2) سورة: النجم، الآيات (3 - 4) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام