فالنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لما قال: (( إنه لا يستغاث بي، إنما يستغاث بالله ) ). يعني: أنكم لما استغثتم بي إنما استغثتم بالله، وهاذا يدل على أي شيء؟ على جواز طلب الاستغاثة منه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيما لا يقدر عليه إلا الله، لماذا؟ لأنه إذا كانت الاستغاثة بالنبي -عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ- هي استغاثة بالله فإن الموضوع إذاً واحد، لا فرق بين أن تقول: يا ألله أغثني، وبين أن تقول: يا رسول الله أغثني. الأمر واحد عند هؤلاء؛ لأن الفعل كله لله جل وعلا, وهاذا من تحريف الكلام عن مواضعه، وهاذا فيه نسبة الجهل لرسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ونسبة سوء الظن بصحابة رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
هاذا الحديث في سنده ضعف، ولم يصححه شيخ الإسلام رحمه الله، إنما ذكر أنه يحتج به على وجه الاعتضاد بغيره، لا على وجه الاستقلال في الاستدلال به؛ لأن مضمونه قد جاء في أدلة كثيرة في الكتاب والسنة، وما كان كذلك فإنه يذكر على وجه الاعتضاد لا على وجه الاستدلال والاعتماد, وفرق بين الاعتضاد والاعتماد:
-الاعتماد إثبات الحكم بالنص.
-والاعتضاد التقوي بهاذه الآثار لإثبات ما دلت عليه النصوص الصحيحة.
ومن هاذا ما يفعله بعض العلماء في تقرير ما ذهبوا إليه، فتجده يقول: المسألة حكمها كذا، والدليل من الكتاب كذا والدليل من السنة كذا، وقد يذكر أحاديث ضعيفة، ثم يأتي بآثار ما تعلم صحتها، ثم يأتي بأقوال ونقولات عن أهل العلم. كل هاذا لو استقل في الاستدلال، لو أن شخصاً استدل بقول شخص من هؤلاء الذين ساق كلامهم أو أثرا من الآثار الضعيفة على الحكم ما استقل في إثبات الحكم، لكنه يفيد في عضد الحكم وتقويته وإن كان ثابتاً بالأدلة الصريحة.