الصفحة 254 من 952

الجواب: أنها في أمر يقدر عليه ويستطيعه، هاذا الذي كان في ذهن الصحابة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُم- وعلى رأسهم أبو بكر -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- الذي أشار بهاذا الرأي، والاستغاثة هنا هي سؤال كف الشر من هاذا المنافق: إما بقتله، وإما بعقوبته، وإما بتهديده، وإما بغير ذلك من وسائل كف الأذى. وهم يذهبون إلى الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الذي هو ولي أمرهم، فهم يطلبون من ولي الأمر -وهاذا وصف أخص من وصف الرسالة- أن يكف شر أحد أفراد المجتمع، وهاذا في مقدور ولي الأمر أو لا؟ الغالب أنه في مقدوره، ولذلك أشار عليهم أبو بكر -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- بهاذا الرأي، فذهبوا (فقال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) في جواب طلبهم: (( إنه لا يستغاث بي، وإنما يستغاث بالله عز وجل ) ).

(( لا يستغاث بي ) )أي: لا يطلب الغوث في هاذا الأمر مني (( وإنما يستغاث بالله ) )؛ لأن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم يكن يستطيع أن يكف شر المنافقين، وكف الشر بمعنى القطع، أي: استئصال شرهم.

ويشهد لهاذا -أن الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم يكن قادرًا على كف شرهم- أن شرهم بلغه في أهله كما في قصة الإفك، فاتهموا زوجه العفيفة الطاهرة بما رموها به من الإفك، ولم يملك النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يكف أذاهم ولا شرهم، بل قال على المنبر: (( من يعذرني في رجل بلغني أذاه في أهلي؟ ) ). فلم يتمكن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من كف أذاهم، مع علمه بمن أذاع الشر في أهله لم يتمكن من كف شره، وطلب العذر من الناس على المنبر.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام