(المنافق) معروف، وهو: من أبطن الكفر وأظهر الإسلام. وهاذا هو الأصل في إطلاق هاذا الوصف، وأنه لا يطلق على النفاق العملي على وجه الإطلاق، وإنما يطلق على النفاق الاعتقادي؛ لأن المنافق في كلام السلف هو الزنديق، وهاذا لا يكون إلا لمن فسد اعتقاده بأن أبطن الكفر وأظهر الإسلام، فالذي عنده مخالفات في العمل وعنده خصال من خصال المنافقين لا يوصف بالنفاق المطلق، إنما نفاقه لا بد من تقييده وهو نفاق العمل، فالمنافق هنا هو من أظهر الإسلام وأبطن الكفر. (يؤذي المؤمنين) . ولم يبيّن الحديث وجه الأذى، والغالب أن أذاهم قولي؛ لأنهم لا يجرؤون على الأذى الفعلي، أذاهم قولي بالسبّ والشتم والطعن والتشبيه والتشكيك والتحريض على المؤمنين والإرجاف بينهم وما أشبه ذلك. (فقال بعضهم) . أي بعض المؤمنين: (قوموا بنا نستغيث برسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) . والقائل هنا هو أبو بكر كما بينته الروايات، فإن أبا بكر -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- هو الذي أشار عليهم بهاذا الرأي فقال: (قوموا بنا نستغيث برسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) .
والاستغاثة هنا فيما يظهر هي في أمر مقدور للنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أم لا؟