وذلك أنّ هاذا الرجل لم يقصد بهاذا النذر مشابهة المشركين، إنما قصد الذبح لله في هاذا المكان فليس له غرض في مشابهتهم، ومع ذلك (سأل النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:(( هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟ ... هل كان فيها عيد من أعيادهم؟ ) )). ولم يقل: هل قصدت إحياء ما كانوا يعظمونه من الأعياد والأوثان؟ بل نهاه. وهاذه فائدة وقاعدة مهمة، وهي: أن مسائل التشبه لا دخل للمقاصد فيها. نهى الشارع عن التشبه بالكفار، فإذا قال قائل في فعل فعله مما يختص بالكفار مشابهة لهم: أنا لم أقصد التشبه. نقول: أنت منهي عن ذلك ولو لم تقصد التشبه، فتكون آثمًا بمجرد الموافقة ولو لم يكن هناك قصد التشبه، فإذا كان قصد التشبه موجودًا ازداد الإثم إثمًا فكان الإثم في عمل القلب وعمل الظاهر، لكن التشبه بنفسه إثم ولو لم يكن فيه قصد مشابهة أهل الكفر. وقد قرر هاذا شيخ الإسلام رحمه الله في اقتضاء الصراط المستقيم تقريرًا واضحًا بينًا، وأنه لا أثر للقصد في التشبه من حيث المنع، وأنه يمنع سواء قصد أو لو لم يقصد.
[المتن]
العاشرة: لا نذر في معصية.
[الشرح]
لا نذر ابتداءً ولا نذر وفاءً، يعني: لا يجوز أن ينذر الإنسان ابتداءً معصية من المعاصي، ولو نذر فإنه لا يجوز له الوفاء. والمعصية هي كل ما نهى عنه الله ورسوله، فلا يجوز نذر المعصية، ولا الوفاء بتلك المعصية إذا نذر.
[المتن]
الحادية عشرة: لا نذر لابن آدم فيما لا يملك.
[الشرح]
وهاذا واضح في قول النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (( ولا فيما لا يملك ابن آدم ) ). وقوله: (( لا يملك ) )يشمل ما إذا نذر ما ليس في ملكه- يعني: ما ليس تحت يده- كأن ينذر أن يذبح شاة ليست في يده: إما في يد غيره أو أنه لم يملكها , وكذلك يدخل في هاذا فيما لا يملك أي فيما لا يقدر ولا يستطيع، ففيه النهي عن النذر بنوعيه: نذر ما لا يستطيعه الإنسان، ونذر ما ليس تحت يده.