أقوال كثيرة، وأهم ما علينا أن نعرف أن المقصود من سياق هاذه الآية هو النهي عن الشرك، وأن الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- جعله بين يدي أصول المحرمات، فإن هاذه الآية فيها ذكر أصول ما حرمه الله على الأمم على اختلاف أنواعها وأزمانها وشرائعها، فإنها تضمنت أصول المحرمات. ونظير هاذه الآية ما ذكره الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- في سورة الأعراف في قوله تعالى: {قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ... } الآيات إلى قوله: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} [1] . فإن السياق هناك مشابه للسياق هنا في ذكر ما حرمه الله عز وجل من أصول المحرّمات في جميع الأمم. ونظيره ما في سورة الإسراء في قوله: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} . فهاذه ثلاثة مواضع في القرآن ذكر فيها أصول المحرمات، كلها ابتدئت بذكر التوحيد والنهي عن الشرك، مما يدلّ على أن أعظم ما أمر الله به التوحيد، وأعظم ما نهى الله عنه الشرك، وهاذا يوجب على المرء أن يتعلم التوحيد وأن يعرف الشرك: يتعلم التوحيد ليعمل به، ويعرف الشرك ليحذره ويتجنّبه وينأى عنه. ثم قال: (إلى قوله تعالى: {وَأَنَّ هاذا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا} ) وهاذه الآيات ذكرنا أنها تضمنت أصول المحرمات.
وبعد ما ساق الشيخ - رحمه الله تعالى - الآيات التي تضمنت أهمية ما تضمنه هاذا الكتاب، وعظم شأن التوحيد، أتى بآثار تبين أيضًا أهمية هاذا الأمر وعظم شأنه.
(1) سورة: الأعراف، الآيات (29 - 34) .