الصفحة 20 من 952

هاذه الآية فيها أمر النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يدعو المشركين، فقل يا محمد: {تَعَالَوْا} . الخطاب للمشركين الذين كفروا بالله وأبوا دعوة التوحيد، وهاذه آية من سورة الأنعام، ومعلوم أن سورة الأنعام من السور التي كثر فيها جدال المشركين وبيان ما هم عليه من كفر وتكذيب وإقامة الحجة عليهم. {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} فهاذا هو الذي أوصاهم به -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، وهو ألا يشركوا به شيئًا، وهاذا فيه بيان أن صرف التوحيد لغير الله -وهو ما يضاد التوحيد ويقابله- نهى الله عنه، فالآية السابقة فيها أنّ التوحيد أمره -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، وفي هاذه الآية أن التوحيد نهى -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- عما يضاده ويخالفه، فقال: {أَلاّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} . وهاذه الآية كثر الكلام في تركيبها، ونُرجئ الكلام عليها إلى درس التفسير حتى ما يطول بنا المقام، لكن اعلم أن قوله: {أَلا تُشْرِكُوا} لأهل العلم فيه قولان:

منه أنه جملة تفسيرية؛ لأنها جاءت بعد ما فيه معنى القول دون حروفه، وهو قوله سبحانه: {أَتْلُ} والتلاوة قول.

ومنهم من قال: إنها مصدرية.

ومنهم من قال: إن قوله: {مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ} مضمن معنى الوصية، فالمعنى: تعالوا أتل ما وصاكم الله به.

ومنهم من قال: إنه مقدر، قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم وأوصاكم ألا تشركوا به شيئاً.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام