الصفحة 22 من 952

فذكر أولاً حديث ابن مسعود، (قال ابن مسعود: من أراد أن ينظر إلى وصية محمد -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- التي عليها خاتمه فليقرأ قوله تعالى: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} إلى قوله تعالى: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} ) .

قول ابن مسعود: (من أراد أن ينظر) أي: من أحب ورغب (أن ينظر إلى وصية محمد -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ، الوصية هنا ليست الوصية الاصطلاحية عند الفقهاء وهي الأمر بالتصرف بعد الموت، إنما المراد بالوصية هنا ما هو أعم من ذلك، وهو العهد بالشيء، فقول ابن مسعود: (من أراد أن ينظر إلى وصية محمد) أي: ما عهد به إلى أمته وما أمرهم به وما كرره عليهم، فهو من قبيل الوصايا القولية، فإن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم يترك وصية مكتوبة، بل لما هم أن يكتب لهم كتابًا وقع الاختلاف بين الصحابة في الكتابة، فتركها رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولم يكتب شيئًا. فقول ابن مسعود -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: (إلى وصية محمد التي عليها خاتمه) . يعني: التي لو كان موصيًا خاتِمًا لأوصى بها، وذكر الخاتم هنا لأن الغالب فيما يعتنى به من الأمور أن يُمهر ويختم، وهاذا يشعر بأن ابن مسعود يرى أن ما تضمنته هاذه الآيات من أهم ما كان يأمر به النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وهي كذلك، فهي وصايا عظيمة تكفل سعادة الخلق في الدارين: سعادة الدنيا وسعادة الآخرة.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام