الصفحة 179 من 952

ثم قال رحمه الله: (والتولة شيء يصنعونه يزعمون أنه يحبب المرأة إلى زوجها والرجل إلى امرأته.)

يصنعونه ثم هل يعلق أو لا؟ هذا فيه احتمال، والظاهر أنه يعلق أو يوضع في الفرش أو ما أشبه ذلك، وبه نعلم أن التولة نوع من السحر؛ لأنه يحصل به إمالة الزوج إلى زوجته أو الزوجة إلى زوجها، وهاذا ما يسمى في السحر بالعطف، وسيأتينا -إن شاء الله تعالى- في باب السحر.

قال: (وروى أحمد عن رويفع قال: قال لي رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:(( يا رويفع، لعل الحياة تطول بك، فأخبر الناس أن من عقد لحيته أو تقلّد وترًا أو استنجى برجيع دابة أو عظم فإن محمدًا بريء منه ) ).)

هاذا فيه خطاب رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لرويفع وإخباره بأن الحياة ستطول به، لكن لم يجزم النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بذلك، بل أتى بحرف الترجية وهو قوله: (( لعل ) )والمقصود منها الترجية، ترجية حصول ذلك. (( لعل الحياة تطول بك ) )وهو الذي وقع، فإن الحياة طالت به -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-.

قال: (( فأخبر الناس أن من عقد لحيته ) ). وعقد اللحية إما يكون بربطها وإما بتنفيشها وتعظيمها، لا سيما ما كان يفعل في أيام الحرب لطلب العظمة والعلو.

قال: (( أو تقلد وترًا ) ). أي علَّق وترًا، ويشمل ذلك ما إذا تقلّده في نفسه أو ولده أو غيره من الناس أو الدواب أو غير ذلك من الأشياء، يشمل تعليق الوتر في أي شيء، والمقصود تعليقه لدفع البلاء أو رفعه.

قال: (( أو استنجى برجيع دابة أو عظم ) ).

(( استنجى ) ): طلب النّجى، أي أزال أثر الخارج برجيع دابة وهو الروث، والدابة يشمل ما إذا كانت دابة مما يؤكل لحمه أو مما لا يؤكل لحمه: أما إن كان مما يؤكل لحمه ففيه إفساد لهذا الرّجيع على إخواننا من الجن، فإنه طعام دوابّهم. وأما إن كان من دابة مما لا يؤكل لحمها فإنه نجس كما قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لابن مسعود: (( إنها ركس ) )لما أتاه بروثة.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام