الرقى: جمع رقية كما تقدم، وعرفها المؤلف رحمه الله هنا بقوله: (هي التي تسمى العزائم) وهو تعريفٌ لها بالاسم العرفي المشهور في زمن المؤلف -رحمه الله- وهي: عوذة يتعوذ بها، والمقصود بالرقية كلمات يرجى حصول دفع البلاء أو رفعه، سواءٌ قرئت في ماء، أو قُرئت مباشرة على المريض، أو كُتبت في إناء وشربها المريض كلها من قبيل الرقى.
قال رحمه الله: (وخص منها الدليل ما خلا من الشرك) خص منها الدليل في الإباحة؛ لأنه تقدم من الأحاديث ما يدل على أنها شرك، وعلى نهي النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عنها، ثمّ دل الدليل أيضاً على إباحتها؛ لكن بشرط ألاّ يكون فيها شرك، وذلك أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لما قيل له: إنك قد نهيت عن الرقى، قال: (( اعرضوا علي رقاكم ) )ثم قال: (( من استطاع منكم أن ينفع أخاه بشيء فلينفعه ) )، وحديث آخر قال: (( لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك ) )فدل ذلك على جوازه بهاذا الشرط؛ وهو أحد الشروط التي لا بد من توافرها في الرقية، وهو أن تكون سالمة من الشرك.
يُشترط أيضاً في الرقية الجائزة أن تكون بألفاظ عربية أو بألفاظ مفهومة المعنى إذا لم تكن من اللغة العربية.
يشترط فيها أيضاً ألا تكون من ساحر ولا كاهن.
ويشترط فيها أيضاً أن يُعتقد فيها أنها سبب لرفع البلاء أو دفعه؛ لا أنها تدفع بعينها؛ بل هي من الأسباب -إن شاء الله- رفع بها البلاء أو دفعه، وإن شاء لم يفعل ذلك.
هاذه من الشروط التي لا بد من ملاحظتها في الرقية، ولا فرق في الرقية بين نزول البلاء، وبين كونها قبل نزوله فكلا النوعين جاءت به السنة.
أما من النوع الذي يكون قبل البلاء: فما ورد عنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الصحيحين أنه يجمع يديه فينفث فيهما ويقرأُ الإخلاص والمعوذتين كل ليلة ويمسح بهما ويمرهما على ما استطاع من رأسه وجسده، فهاذا يدل على جواز ذلك قبل نزول البلاء.