وهنا قولٌ رابع: وهو جيد في الحقيقة، أن الرقى نهي عنها أولاً نهياً عاماً وذلك لما كان منتشراً عند أهل الجاهلية من الرقى الشركية، ثم بعد ذلك جاء الإذن في ما لم يكن فيه شركٌ من الرقى، وهاذا ليس ببعيد، وله نظير في نهي النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- عن زيارة القبور في أول الإسلام، ثم بعد ذلك أذن فيها لما فيها من المصلحة، فيكون الإذن بعد النّهي وهاذا قريب من القول الذي ذكرناه أن حديث الإباحة ناسخة للنهي؛ لكن هاذا بيان علته ونظيره، فيمكن أن يقال أن هاذا هو القول الأول الذي ذكرناه أن يقال أنه كان هناك نهي ونسخ بالإباحة، وهاذا وجهه.
ثم قال: (( والتمائم ) )والتمائم: جمع تميمة وهي تشمل كل تميمة؛ لأن الأصل انطباق هاذا الوصف على كل ما يصدق عليه من المعلقات، وأن المقصود بها: حصول تمام العافية بالسلامة من البلاء دفعاً أو رفعاً.
قوله: (( والتولة ) ): وأيضا ستأتي.
ثم قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الخبر عن هاذه الأمور الثلاثة: (( شرك ) )وهاذا حكم يبين أن الرقى والتمائم والتولة شرك.
وقوله: (( شرك ) )فيه إطلاق هل هو شرك أصغر أو شرك أكبر؟
فيه احتمال، وقد ذكرنا أنه في الأصل من الشرك الأصغر، وقد يرتقي إلى الأكبر باعتبار ما يقوم بقلب الإنسان وباعتبار قصده.
ثم قال: (رواه أحمد وأبو داود) .