الصفحة 170 من 952

وقد اختلف العلماء -رحمهم الله- في الرقى بناء على اختلاف الأحاديث الواردة فيها، فالأحاديث منها ما يأمر بها، ومنها ما ينهى عنها.

فمن الأحاديث التي تأمر بالرقى كقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( من استطاع أن ينفع أخاه بشيء فلينفعه ) )وهاذا ندب إلى استعمال كل ما يحصل به النفع للأخ.

ومنها ما ينهى عنها: كحديث ابن مسعود.

فقال بعضهم في الجمع بين هاتين الطائفتين من الأحاديث: إن أحاديث النهي محمولة على النهي عن الرقى الشركية، وأما الأحاديث النادبة والمبيحة فهي في الرقى التي ليس فيها شرك.

وذهب بعضهم إلى الترجيح: فقال: إن أحاديث الإباحة ناسخة لأحاديث النهي. وقال بعضهم: أحاديث النهي ناسخة لأحاديث الإباحة.

لكن هاذا القول ضعيف والصحيح أن يقال بالقول الأول وهو أن الأحاديث المطلقة التي فيها النهي عن الرقى ووصفها بأنها شرك المراد بها الرقى الشركية، أو الجواب الثاني يقال: إن ذلك منسوخ لأن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لما سئل عن الرقى قال: (( اعرضوا علي رقاكم ) )ثم أعطاهم -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إباحة مقيدة بوصف فقال: (( لا بأس بها ما لم يكن شرك ) )يعني ما لم يوجد شركٌ فيها فدل ذلك على الإباحة والاستثناء فقط فيما كان شركيا.

وكذلك في حديثٍ آخر عند الإمام مسلم: أن آل عمرو بن حزم سمعوا أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نهى عن الرقية وكانوا يرقون فسألوه فقال: (( لا بأس بها ما لم يكن شرك ) )فنهاهم عن الرقى الشركية، وأباح لهم الرقى التي ليس فيها شرك.

وبهاذا تجتمع الأحاديث فيكون قول ابن مسعود في هاذا الحديث أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: (( إن الرقى شرك ) )المقصود بها الرقى الشركية.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام