ثم حتى لو صحت الرواية بأن الذي ورد هو قوله: (( لا يبقين في رقبة بعير قلادة من وتر إلا قطعت ) )لقلنا: غير الوتر يلحق به في الحكم؛ لأن هاذا القول خرج مخرج الغالب، فغالب ما كان يعلقه العرب في ذلك الوقت هو القلائد من وتر. ومعلوم أن ما خرج مخرج الغالب لا يقيد به الحكم؛ لأنه قيدٌ أغلبي.
وعليه فنقول: هاذا الخلاف لا ثمرة تحته لأنه على أي وجه حملت الحديث فتصل إلى نتيجة واحدة وهي تحريم المعلقات مطلقاً إذا كانت لدفع البلاء أو رفعه.
وعلى هاذا أيضا نقول: لو كان التعليق في غير الإبل كالخيول هل يأخذ الحكم؟
نعم يأخذ الحكم، فقوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (( لا يبقين في رقبة بعيرٍ ) )ليس قيداً بل هاذا وصفٌ أغلبي لا يقيد به الحكم.
والخلاصة: أن الحديث أفادنا تحريم تعليق التمائم مهما كانت وفي أي شيء وبأي شيء عُلقت؛ لأن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أرسل يأمر بنزعها وإزالتها وعدم دوامها في قوله: (( ألا يبقين في رقبة بعيرٍ قلادة من وتر أو قلادة إلا قطعت ) )وهاذا يشهد لتحريم تعليق التمائم؛ لأن التميمة تشمل كل ما عُلق سواء كان مما كُتب فيه شيء أو مما لا يُكتب فيه شيء كما سيأتي في تعريفها.
ثم قال: (وعن ابن مسعود -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قال: سمعت رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول:(( إن الرقى والتمائم والتولة شرك ) )رواه أحمد وأبو داود.).
ذكر في هاذا الحديث ثلاثة أمور وجمعها في حكم واحد، وابن مسعود -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- نقل عن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هاذا القول وهو: (( إن الرقى ) )وهاذا يشمل كل رقية: لأن الألف والأم هنا للاستغراق هاذا أحد القولين. والقول الثاني: أن الرقى هنا المراد بها ما كان فيه شرك؛ لأنه دل الدليل على أن الرقى منها ما هو جائز؛ بل منها هو مندوب إليه.