الصفحة 168 من 952

وعلى كلّ حال المقصود أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اهتم بهاذا الأمر، وأرسل من يبلغ الناس منع ذلك، (( أن لا يبقين ) )البقاء هو الدوام وعدم الزوال، فأمر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعدمه في هاذا الأمر وهو (( أن لا يبقين في رقبة بعير قلادةٌ من وتر ) )القلادة هي: ما يقلد به الشيء، والغالب أنها تطلق على ما يوضع في الرقبة ولكن في هاذه الرواية قال: (( أن لا يبقين في رقبة بعير قلادة من وتر ) (من) هنا بيانية لتبين جنس القلادة، والوتر: هو وتر القوس، والغالب أن يصنع من أحشاء البهائم، فأمر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقطع القلادة من الوتر.

ثم قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( أو قلادةٌ إلا قطعت ) (( أو ) ): هنا اختلف فيها الشراح على قولين:

منهم من قال: إنها للشك، شك الراوي، هل الإرسال كان بأمر قطع القلائد من الوتر أو القلائد من أي شيء كانت فقال: (( لا يبقين في رقبة بعير قلادة من وتر أو قلادة إلا قطعت ) ).

وقال آخرون: هي للتنويع؛ فيكون من باب عطف العام على الخاص؛ لأن القلادة تعم القلادة من الوتر والقلادة من غيره؛ كالتي تكون من الخيوط والسيور وغير ذلك ويشهد لهاذا:

-أن الأصل عدم توهيم الراوي، هاذا من وجه.

-وجه آخر أنه في رواية أبي داوود جاءت الرواية بالواو، وهاذا يؤيد القول بأنها للتنويع.

وعلى القول هاذا لا إشكال.

وعلى القول بأنها للشك: فأي الأمرين أعم؛ هل قول: قلادة من وتر أعم من قول قلادة أو العكس؟ العكس أعم، فأيهما نعمل؟ نعمل الثاني؛ لأن به تبرأ الذمة واليقين حتى على القول بالشك.

فلا خلاف في الحقيقة سواء إن قلنا إنها للتنويع أو إنها للشك.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام