الصفحة 132 من 952

وقوله: {أَيُّهُمْ أَقْرَبُ} قيل في تفسيره: إنه بدل من الضمير في قوله: (يبتغون) فيكون المعنى: أن هؤلاء الذين تدعونهم من دون الله يتسابقون في القرب من الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، كلهم يطلب ويرجو أن يكون سابقًا قريبًا إلى الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، والقرب إليه في هاذه الدنيا، بماذا يكون؟ بفعل الطاعات وترك المنكرات. قال الله عز وجل: (( ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ) ). فالتقرب هنا بفعل الواجبات وإعقاب ذلك بفعل المستحبات والنوافل. إذًا المؤلف -رحمه الله- ساق هاذه الآية لتفسير التوحيد، فكيف نستفيد منها في تفسير التوحيد؟ ما المقصود؟ وكيف فسر المؤلف رحمه الله التوحيد بهاذه الآية؟

فسره بأن الآية تضمّنت ثلاثة أركان لا يقوم الإيمان ولا التوحيد إلا بها، وهي: المحبة والخوف والرجاء. فإن الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- ذكر عن هؤلاء الصالحين المعبودين من دون الله أنهم يبتغون إلى ربهم الوسيلة، وهاذا فيه المحبة: {يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ} ، {وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ} هاذا فيه إثبات الرجاء، {وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} هاذا فيه إثبات الخوف من العذاب، وهاذه الأركان الثلاثة بها يستقيم إيمان العبد ويصح توحيده.

إذًا تفسير التوحيد هنا لبيان أصوله التي يبنى عليها، وهي: إفراد الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- بالمحبة، وإفراده بالرجاء، وإفراده بالخوف:

المحبة من قوله: {يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ} ؛ لأن بها تحصل المحبة، وقد قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الحديث الإلهي: (( ولا يزال عبدي يتقرّب إلي بالنوافل حتى أحبه ) ). وقد قال الله جل وعلا: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} . والاتباع يكون في الواجب والمستحب، فالاتباع دليل المحبة.

وأما الرجاء ففي قوله: {وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ} .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام