الصفحة 131 من 952

والقول الثاني: أن ذلك في الملائكة والصّالحين، وزاد بعضهم: والأنبياء، وهاذا القول أوسع؛ لأنه يشمل الجن وغيرهم؛ لأن الصالحين من الجن والإنس. والمراد أن الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- أخبر أن كم هؤلاء الذين تعبدونهم من الملائكة والأنبياء والصالحين حقيقتهم أنهم يبتغون ويطلبون الفضل من الله عز وجل، فحقيقٌ بكم أن تكونوا مثلهم. ويكون المقصود بالآية هو كل من عُبد من دون الله وهو عابد لله، وهاذا اختيار شيخ الإسلام رحمه الله؛ لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فتشمل كل من توجه إليه أحد بعبادة وهو- أي: المعبود- عابد لله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، فيشمل الأنبياء والصالحين والملائكة وغيرهم ممن يعبدون الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- وهم معبودون.

هل يدخل في ذلك الأصنام؟ قال بعض أهل العلم: يدخل الأصنام. لكن الصحيح أن الأصنام لا تدخل؛ لأن الأصنام لا يصدق عليها الخبر في قوله: {يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ} .

إذًا عرفنا المشار إليه في الآية، وأنه كل من عبد من دون الله وهو عابد لله، هاذا أصح ما قيل. {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ} . {الَّذِينَ} اسم موصول وهو بدل {يَدْعُونَ} ولم يذكر المعمول؛ ليشمل كل من توجِّه إليه بدعوة، سواء كانت الدعوة دعوة عبادة أو دعوة مسألة، كما تقدّم أن الدعاء في القرآن يتناول دعاء العبادة ودعاء المسألة، {يَبْتَغُون} أي يطلبون، {إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ} والوسيلة هنا هي القربة، أي: إنهم يسألون الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- التقرب إليه، وذلك بفعل ما أُمروا به من الواجبات أو من المستحبات، فالوسيلة هي ما يُتقرب به إلى الله -عز وجل- من الواجبات ومن المستحبات، فيكون المعنى: الذين تدعونهم حقيقة فعلهم أنهم مشتغلون بما يقربهم إلى الله -عز وجل- من الواجبات ومن المستحبات.

قوله: {أَيُّهُمْ أَقْرَبُ} أي: إن فعلهم هاذا لطلب القرب من الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام