ذكر المؤلف -رحمه الله- في تفسير التوحيد خمسة نصوص: أربع آيات وحديثاً. أما الآيات فبدأها بقول الله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا} [1] هاذه الآية لها صلة بما قبلها، والذي قبلها قول الله تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً} [2] ، ثم قال: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ} . {أُولَئِكَ} أُولاء هاذا اسم إشارة، وهو مبتدأ، له خبر في هاذه الجملة، وهو قوله تعالى: {يَبْتَغُونَ} هاذا خبر المبتدأ {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ} أخبر عنهم بخبر، وهو قوله تعالى: {يَبْتَغُونَ} فمن المشار إليهم في قوله: {يَبْتَغُونَ} ؟
اختلف العلماء في المشار إليه على قولين:
منهم من قال: إن المشار إليهم في الآية السابقة هم قوم من الجن كانوا على عهد رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يعبدهم بعض المشركين، فأسلم هؤلاء الجن لما بلغتهم الدعوة واستمر عابدوهم على الشرك بهم، فقال الله جل وعلا: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ} يعني: هؤلاء الذين تتوجهون إليهم بالدعوة والطلب حقيقة أمرهم أنهم يطلبون القرب إلى الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، فهم يعبدون الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، فجدير بكم وحقيق بكم أن تتركوا عبادتهم وتعبدوا من يعبدون وهو الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، وهاذا التفسير ورد عن ابن مسعود -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-.
(1) سورة: الإسراء، الآية (57) .
(2) سورة: الإسراء، الآية (56) .