فهرس الكتاب
الصفحة 24 من 117

والسياسة نوعان سياسة عادلة تخرج الحق من الظالم الفاجر فهي من الأحكام الشرعية علمها من عملها وجهلها من جهلها، وقد صنف الناس في السياسة الشرعية كتبا متعددة،

والنوع الآخر سياسة ظالمة فالشريعة تحرمها).

ولما كان هذان المعنيان غير متباينين وبينهما صلة وثيقة من ناحية أن تدبير المصالح على الوجه الأكمل لا يتم إلا إذا كان ولاة الأمر في سعة من العمل بالمصالح المرسلة، وكذلك البحوث المقررة هي شعب من المعنيين فليس ما يمنع أن يراد بالسياسة الشرعية معنى يعم المعنيين وينتظم جميع البحوث المقررة.

وعلى هذا فعلم السياسة الشرعية: علم يبحث فيما تدبر به شؤون الدولة الإسلامية من القوانين والنظم التي تتفق وأصول الإسلام، وإن لم يقم على كل تدبير دليل خاص [1]

وموضوعه: النظم والقوانين التي تتطلبها شؤون الدولة من حيث مطابقتها لأصول الدين وتحقيقها مصالح الناس وحاجاتهم.

وغايته: الوصول إلى تدبير شؤون الدولة الإسلامية بنظم من دينها، والإبانة عن كفاية الإسلام بالسياسة العادلة وتقبله رعاية مصالح الناس في مختلف العصور والبلدان) [السياسة الشرعية باختصار] .

فالذي يقصده الفقهاء من لفظ سياسة عموما بناء الحكم على ما تقتضيه مصلحة الأمة مما لم يرد بشأنه دليل خاص، وقد يريدون به الأحكام التي تختلف لاختلاف العصر وتغير الأحوال ..

وهي في الجملة رعاية شؤون الأمة عامة بما لا يخالف أصول الشرع ومقاصده الكلية .. أو بعبارة أخرى:"هي متابعة السلف الأول في مراعاة المصالح ومسايرة الحوادث".

فالسياسة تجيز للحاكم فعل المصلحة التي تحقق نفعا للأمة وإن لم يرد بخصوص هذه المصلحة دليل تفصيلي خاص من الكتاب أو السنة وإلا اعتبرت لاغية؛ وإنما الاعتبار أن لا تخالف دليلا شرعيا ولا قاعدة عامة من قواعد الشريعة وإن لم يرد بها دليل خاص، لأن المصلحة المرعية لا تكون معتبرة في الشرع إلا إذا كانت متفقة مع الأدلة العامة والقواعد الكلية ومقاصد الشريعة الإسلامية.

(1) (ـ هذا التعريف يبرز الجانب العملي للسياسة، فالسياسة هنا إجراءات وأعمال وتصرفات للإصلاح، وعلى ذلك فإن سياسة الرعية تتطلب القدرة على القيادة الحكيمة التي تتمكن من تحقيق الصلاح عن طريق إتقان التدبير وحسن التأتي لما يراد فعله أو تركه، وهذا بدوره يحتاج إلى معرفة تامة بما تتطلبه القيادة والرئاسة من خبرة وحنكة، وقدرة على استعمال واستغلال الإمكانات المتاحة على الوجه الأمثل الذي يحقق المراد المطلوب.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام