والثاني: أن المحتاج لا يكون كامل القدرة. ومن كان كذلك لم يحصل الوثوق بوعده ووعيده.
والثالث: أن البشر في غاية الضعف وهذه العبارات قليلة وحركات ضعيفة فلو كان الإله قد بلغ في الضعف إلى حيث ينتفع بهذه الحركات الخسيسة فهو في الضعف والعجز في الغاية وذلك محال.
وإنما قلنا: أنه لا يجوز أن يقال: أن تلك الفوائد عائدة إلى العابد لوجهين:
الأول: إن جميع الفوائد محصورة في جلب المنافع ودفع المضار والله تعالى قادر على تحصيلها بأسرها من غير واسطة هذه التكاليف. ولا تتفاوت حال القدرة على تحصيل هذه المطالب، بسبب أن يأتي الإنسان بحركات معدومة. فإن كانت قدرته وحكمته تتفاوت بسبب هذه الأفعال الخسيسة الصادرة عن الإنسان فهو في غاية الضعف وغذا كان كذلك كان توقف إيصال تلك المنافع ودفع تلك المضار - على هذه التكاليف - عبثا محضا.
الثاني: أن حاصل هذا الكلام يرجع إلى أنه تعالى ألحق الضرر والبلاء تحصل في الدنيا أو في الآخرة. والأول باطل لأنها في الدنيا محض التعب والكلفة والمشقة وأما في الآخرة فبعيد أيضا لأنه قادر على أن يدخلهم الجنة ويخلصهم من النيران: من غير هذه الوسائط.
قالت المعتزلة: الوجه في حسن التكليف أن التفضل بالتعظيم قبيح فلما أراد الله تعالى تعريض العبد لاستحقاق التعظيم لا جرم كلفه ليحصل له استحقاق التعظيم عند إتيانه بما كلف به