الحجة السادسة: أن العبد غير عالم بتفاصيل أفعال نفسه. لأنه إذا حرك اصبعه. فهو لا يعرف أنه كم عدد من الجواهر الفدرة حركها؟ وفي كم عدد من الأحياز حرك ذلك الاصبع؟ واختصاص العدد المعين باوقوع دون الزائد والناقص لا بد وأن يكون (بالقصد لكن) القصد مشروط بالعلم. فإذا لم يحصل العلم لم يحصل القصد أيضا فامتنع كونه زواقعا بإيقاعه موجودا بإيجاده.
الحجة السابعة: لو كانت قدرة العبد صالحة لإيجاد بعض الممكنات. (لكانت صالحة لإيجاد كل الممكنات لأن المصحح للمقدورية هو الإمكان والإمكان مفهوم واحد، مشترك فيه بين كل الممكنات لكان كون العبد قادرا على إيجاد كل الممكنات: بادل. وإلا لقدر على إيجاد نفسه، وعلى إيجاد قدرته فوجب أن لا يقدر على إيجاد شيء من الممكنات.
الحجة الثامنة: أن مقدور العبد مقدور لله تعالى (فوجب أن يقدر) لأن مقدور العبد مثل مقدور الله (والمثلان يتساويان في جواز الجائزات فكان مقدور العبد يصح أن يكون مقدورا لله تعالى وإذا ثبت القول بهذه الصحة والموجب لقادرية الله تعالى هو ذاته المخصوصة ونسبة ذلك الإيجاب إلى الشيء: كنسبة على مثله. فلما أوجب ذاته القادرية على أحد المثلين - وجب أن توجب القادرية على المثال الثاني. فثبت: أن مقدور العبد مقدور لله تعالى. وإذا ثبت هذا كان وقوعه بهما: محالا لأن أحد السببين لما كان مستقلا بالاقتضاء. فلو أثر الثاني فيه كان ذلك إيجادا للموجود وهو محال. فوجب أن يكون واقعا بأحدهما. لكن هذا محال لأنه لما كان كل واحد منهما سببا مستقلا بالاقتضاء. فوقوعه بأحدهما دون