عن أشياء. إلا أنهم قالوا: العقول وحدها كافية في معرفة تلك التكاليف فلم يكن في بعثة الأنبياء- عليهم السلام - فائدة.
والفرقة الرابعة: الذين قالوا: لا طريق لنا إلى معرفة نبوة الأنبياء إلا بواسطة المعجزات، والمعجزات لا دلالة فيها البتة على صدق الأنبياء: وإذا لم يوجد شيء يدل على النبوة إلا المعجز ويثبت أن المعجز لا يدل البتة على صدق النبي فحينئذ يلزم فساد القول بالنبوة.
ثم إن القائلين بهذا القول: ذكروا في الطعن في المعجزات وجوها كثيرة:
فالفرقة الأولى: الذين أنكروا وجود المعجزات قالوا: خرق العادات ممتنع في العقول.
والفرقة الثانية: الذين سلموا إمكان انخراق العادات، إلا أنهم قالوا: لم يوجد دليل يدل على أن الفاعل لتلك الأفعال الخارقة للعادات هو الله سبحانه.
والفرقة الثانية: الذين قالوا: هب أن الدليل على أن فاعل تلك الخوارق هو الله تعالى، إلا أنها - مع تسليم هذا الأصل - لا تدل على صدق المدعي للرسالة.
والفرقة الرابعة: الذين قالوا: هب أن المعجز يدل على أن الله تعالى صدق ذلك المدعي في دعواه لكن تصديق الله إياه في دعواه لا يدل على كونه صادقا. بدليل: أن القول بالخبر حق، ومتى كان كذلك وجب القطع بأن فاعل القبائح بأسرها هو الله ومتى كان كذلك). أمتنع أن يقال: أن الفعل الفاني: قبيح فيمتنع من الله تعالى فعله. وإذا كان كذلك لم يقبح من الله تعالى: تصديق الكاذب.