الأولى فحينئذ يحصل في القلب ظن قوي بأن ذلك الوضع الفلكي المعين يوجب حدوث النوع الفلاني من الحوادث في هذا العالم.
والحاصل: أن التجربة عبارة عن الاستدلال بحدوث الحوادث المخصوصة في هذا العالم، على معرفة طبائع الأوضاع الفلكية. فغذا تأكدت تلك التجربة فبعدها يستدل بحوصول ذلك الوضع الفلكي المعين. على حدوث ذلك النوع من الحوادث في هذا العالم.
واعلم: أن هذا الاستدلال قد اعتبره أهل الأرض من الزمان الأقدم غلى الآن. فمن أراد أن يصير ماهرا في هذا العلم وجب عليه أنه كلما رأى نوعا من الحوادث في هذا العالم. أن يستقضي في تعرف الوضع الفلكي المقارن لحدوث ذلك الحادث، ويقابل تجربته بأقوال المتقدمين فإذا واظب على هذا الطريق مدة مديدة واتفق أن كانت نفسه مناسة لهذا العلم بحسب الفطرة الاصلية: يبلغ فيه مبلغا عظيما فهذا بيان طريق القياس والتجربة.
وأما الطريق الثالث وهو طريق الوحي الإلهام: فهذا أيضا متفق عليه بين أصحاب هذا العلم.
حكى تنكلوشا أن ذواناي سيد البشر. لما بالغ في تصفية النفس ورياضة الذهنن لاحت له من الصور الفلكية كا لا يمكن وضعه.
واعلم: أنك لآ ترى دينا من الأديان ولا مذهبا من المذاهب إلا وأكثر أصوله يكون مبنيا على النقل عن السلف. فلا يبعد مثله أيضا في هذا العلم والله أعلم.