مقدورا فثبت أن المعنى الذي لأجله صار بعض الأشياء بحيث يصح أن يكون مقدورا لله تعالى هو هي الإمكان وبديهة العقل حاكمة بأن المفهوم من الإمكان مفهوم واحد في جميع الممكنات فوجب القطع بأن ما لجله صار بعض الممكنات بحيث يصح أن يكون مقدورا لله تعالى فهو قائم في جميع الممكنات. وإذا حصل الاشتراك في المقتضى وجب حصول الاشتراك في الأثر، فوجب القطع بأن جميع الممكنات بحيث يصح حصول مقدورة لله تعالى. وإذا ثبت هذا وجب أن يكون الله تعالى قادرا عليها بأسرها لأن كونه تعالى قادرا، صفة من صفات ذاته، وتلك الصفة نسبة مخصوصة بين ذاته المخصوصة وبين المقدورات وهو كونه بحيث يصح منه إيجادها وهذه الصفة ليست ذاتا قائمة بنفسها بل هي من باب النسب والإضافات فتكون ممكنة لذتها قلا بد تأثير تلك الذات في هذه الصحة ابتداء أ بواسطة. وعلى التقديرين فنسبة اقتضاء ذاته إلى حصول القدرة على بعض الممكنات كنسبة ذلك الاقتضاء إلى البواقي. لأنا بينا: أن كل الممكنات متساوية في صحة المقدورية وإذا كانت النسبة متساوية فلو اقتضت تلك الذات المخصوصة حصول الاقتدار على بعضها دون البعض. مع أنا بينا أن النسب متساوية فحينئذ يلزم رجحان أحد طرفي الجائز على الآخر لا لمرجح وهو محال.
ولما بطل هذا القسم بقي قسمان:
أحدهما: أن لا يقدر على شيء أصلا إلا أن هذا باطل. لأنا بينا أن القول بالنبوات فرع على إثبات كونه تعالى قادرا.