فهرس الكتاب
الصفحة 121 من 256

الشبهة الثانية: أنا قد ذكرنا الدلائل الكثيرة على أنه يمتنع أن تكون أفعال اله تعالى واحكامه معللة بالأغراض والمقاصد وعلى هذا فيمتنع ان يقال أنه تعالى إنما خلق المعجز لأجل تصديق المدعي.

الشبهة الثالثة: هب ان أفعال الله تعالى وأحكامه قد تكون معللة بالدواعي والأغراض إلا أنه قد تكون أيضا غير معللة بالدواعي والأغراض والدليل عليه: إن القول بإثبات النبوة فرع على إثبات حدوث العالم وهذه القاعدة لا يمكن تقريرها إلا إذا قلنا أنه تعالى خصص إحداث العالم. بوقت معين لا لمخصص ولا لمرجح البتة. وهذا يقتضي القطع بأن الله تعالى قد يفعل لا الغرض ولا لداع أصلا. وإذا ثبت هذا فلم لا يجوز أن يكون خلق المعجزات من هذا الباب؟ وعلى هذا التقدير لا يدل المعجز على التصديق.

فيفتقر ههنا إلى بيان أن تخصيص احداث العالم بالوقت المعين لا يمكن أن يكون معللا بشيء من الأغراض والدواعي. والدليل عليه أن اختصاص ذلك الوقت بذلك الغرض المعين أما أن يكون لذاته أو لعيره. لا جائز أن يكون لذاته. لأنه لو جاز أن يختص ذلك الوقت بذلك الغرض المعين لذاته فحينئذ لم يبعد أن يختص ذلك الوقت بسائر الآثار المخصوصة وإذا جاز ذلك الوقت, وعلى هذا التقدير فإنه لا يمكن الاستدلال بحدوث العالم على وجود الصانع وأما إن كان اختصاص ذلك الوقت بتلك الخاصية ليس لذاته بل لأجل أن فاعل العالم خصص ذلك الوقت بذلك الغرض وبتلك المصلحة عاد الكلام في تخصيص ذلك الوقت بذلك الغرض ويلزم التسلسل وهو باطل.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام