ثُمَّ أَعُودُ إِلَى رَبِّي فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا فَيُقَالُ لِي يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ وَسَلْ تُعْطَهْ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ فَأَقُولُ يَا رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي فَيُقَالُ لِي انْطَلِقْ فَمَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ أَدْنَى أَدْنَى أَدْنَى مِنْ مِثْقَالِ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجْهُ مِنْ النَّارِ فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ ... الحديث) وفيه: (فَأَقُولُ يَا رَبِّ ائْذَنْ لِي فِيمَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَ لَيْسَ ذَاكَ لَكَ أَوْ قَالَ لَيْسَ ذَاكَ إِلَيْكَ وَلَكِنْ وَعِزَّتِي وَكِبْرِيَائِي وَعَظَمَتِي وَجِبْرِيَائِي لَأُخْرِجَنَّ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ) رواه مسلم. وقال - صلى الله عليه وسلم: (يَخْرُجُ مِنْ النَّارِ بِالشَّفَاعَةِ كَأَنَّهُمْ الثَّعَارِيرُ) رواه البخاري. [الثعارير: الضغابيس] . وقال - صلى الله عليه وسلم: (يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنْ النَّارِ بَعْدَ مَا مَسَّهُمْ مِنْهَا سَفْعٌ فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ فَيُسَمِّيهِمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَهَنَّمِيِّينَ) رواه البخاري. وقال - صلى الله عليه وسلم: (أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ) رواه البخاري. وهذه الشفاعة ليست خاصة بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، بل هي عامة، يشركه فيها الرسل والأنبياء والصالحون، وغيرهم ممن شاء الله، ولكن للرسول - صلى الله عليه وسلم - منها أوفر نصيب.
الشفاعة الخامسة: وهي شفاعته - صلى الله عليه وسلم - في عمه أبي طالب خاصةً من الكفار، وهي خاصة بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، فيشفع في تخفيف العذاب عنه بحيث يكون في ضَحضَاح من النار، وهو أهون أهل النار عذاباً، ولا يخرج من النار، وقد قال - صلى الله عليه وسلم - في حديث النعمان بن بشير - رضي الله عنه: (إِنَّ أَهْوَنَ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَرَجُلٌ تُوضَعُ فِي أَخْمَصِ قَدَمَيْهِ جَمْرَةٌ يَغْلِي مِنْهَا دِمَاغُهُ) رواه البخاري مسلم. وقال - صلى الله عليه وسلم - في حديث ابن عباس: (أَهْوَنُ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا أَبُو طَالِبٍ وَهُوَ مُنْتَعِلٌ بِنَعْلَيْنِ يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ) رواه مسلم.
وقد ذكر العلماءُ أنواعاً أخرى من الشفاعات:
-كالشفاعة في أهل الأعراف: وهم قوم تساوت حسناتهم وسيئاتهم.
-وكالشفاعة لقومٍ استوجبوا النار أن لا يدخلوها.
-وكالشفاعة في رفع الدرجات في الجنة.
وهذه الشفاعات ليست خاصة بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ولكنها تكون له ولغيره من الأنبياء والرسل، والشهداء، والصالحين، وغيرهم ممن شاء الله له ذلك، ولكن كل الشفاعات المشتركة فلِرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - أوفر النصيب منها.