قال: (فقال له -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:(( إنك تأتي قومًا من أهل الكتاب ) )) أي من النصارى واليهود، فأهل الكتاب هم النصارى واليهود، وغالب من كان في اليمن كان يرجع إلى هاتين الملتين، والغالب فيهم النصارى وفيهم يهود، فبين له النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من سيُقبل عليهم، ثم بين له ما يدعو إليه، فقال: (( ليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إلاه إلا الله - وفي رواية: إلى أن يوحدوا الله ) )وفي رواية: (( إلى أن يعبدوا الله ) ). وفي رواية: (( إلى شهادة أن لا إلاه إلا الله وأن محمداً رسول الله ) ). وهاذه الرواية الأخيرة هي أكثر الروايات وأشهرها، وهي التي تجمع معاني الروايات الأخرى، والواقعة واحدة فلا بد أن يكون القول الذي صدر عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- واحدًا، وإذا كان كذلك فعند النظر والترجيح بين هاذه الروايات نرى أن أرجحها -من جهة كثرة الورود، ومن جهة جمع المعاني، ومن جهة موافقة ما أجمع عليه أهل العلم- هي هاذه الرواية التي فيها التصريح بأن الدعوة إلى شهادة أن لا إلاه إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وهاذه الرواية رجحها ابن حجر -رحمه الله- على سائر الروايات؛ لكثرة رواتها.
المهم أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بين له ما يدعو إليه، وبدأ فيما يدعو إليه بشهادة أن لا إلاه إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وذلك أنه لا يدخل أحد دين الإسلام إلا من هاذا الطريق، فلا بد من الشهادتين لدخول الإسلام، وهاذا أمر أجمع عليه أهل العلم، وأنه لا يدخل أحد الإسلام إلا بهاذا وهو شهادة أن لا إلاه إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ورأى بعض أهل العلم زيادة التبرؤ من الكفر.