الثالث: النقص في صفات الكمال. ف-سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- له المثل الأعلى، أي له الصفة العالية الكاملة التي لا نقص فيها بوجه من الوجوه.
ثم قال: {وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} هاذا ثالث ما وصف به الله عز وجل سبيل رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وهو التبرؤ من الشرك: {وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} لا في القول ولا في العقد ولا في العمل ولا في المشاركة ولا في الاجتماع ولا في المحبة ولا في أي شيء من أمورهم، فهو تبرؤ تام من أهل الشرك وأفعالهم وصفاتهم.
وبه نعلم أن قوله: {وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} عطف على قوله: {أَدْعُو} . فيكون منهجه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هو ما تضمنته هاذه الآية من الخلال الثلاث والصفات التي وصف الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- بها منهج رسوله وطريقه.
ثم قال: (عن ابن عباس رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لما بعث معاذاً إلى اليمن.) بعث رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- معاذًا إلى اليمن يدعو إلى الله -عز وجل- كما سيأتي بيانه في هاذا الحديث، وهاذه البعثة قيل: إنها في السنة الثامنة، وقيل: إنها في أوائل السنة التاسعة بعد رجوعه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من تبوك، وقيل: إنها في السنة العاشرة، وهو الذي رجحه البخاري حيث مال إلى أن بعث النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- معاذًا وأبا موسى كان في السنة العاشرة. وعلى كل حال ليس هاذا مؤثرًا فيما نحن فيه، إنما هو بيان لواقع البعث متى كان؟ قال: (إلى اليمن) .