ومناسبة هاذه الآية للباب ظاهرة، وذلك في قوله: {أَدْعُو إِلَى اللَّهِ} وهاذا فيه مشروعية الدعوة إلى الله عز وجل؛ لقول الله عز وجل آمرًا رسوله: {قُلْ هاذه سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ} . وهو مطابق لما ترجم له المؤلف رحمه الله في قوله: (باب الدعاء إلى شهادة أن لا إلاه إلا الله.)
قال المؤلف رحمه الله: (وقول الله تعالى: {قُلْ هاذه سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} .) وتكلمنا على هاذا الجزء من الآية.
بقي قوله: {وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} هاذا تكملة لبيان سبيله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ومنهجه وطريقه في دينه ودعوته وما جاء به؛ لأن قوله: {قُلْ هاذه سَبِيلِي} هاذا وصف لكل ما جاء به النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على وجه العموم. والسّبيل هي الطريق والمنهج الذي يسلكه الإنسان، فبيَّن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سبيله بهاذه الأمور: بدأها بأنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يدعو إلى الله: {أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ} . أي: ومن منهجه وسبيله وطريقه تنزيه الله جل وعلا، فالتسبيح هو التنزيه، {وَسُبْحَانَ} مصدر حذف عامله وهو أسبح، والتقدير: وأسبح سبحانًا، هاذا تقديره. فيكون منهج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الدعوة إلى الله والتسبيح وهو التنزيه، والتنزيه لله -عز وجل- يكون بنفي ما وصفه به الجاهلون هاذا واحد. ويكون أيضًا بنفي النّقص عما أخبر به عن نفسه هاذا اثنان. ويكون أيضًا بنفي المماثلة في صفات الكمال. فكلما قال القائل: سبحان الله فليستحضر هاذه الأمور الثلاثة:
فإنك تنزه الله عن هاذه الأمور:
أن يكون له شريك أو مثيل في أسمائه وصفاته وما يختص به.
الثاني: أن يكون موصوفًا بصفات النقص التي وصفه بها الجاهلون.