الصفحة 99 من 952

أقول: زاد بعضهم على الشهادة التبرؤ من الكفر وقال: لا بد من التبرؤ من الكفر، وإلا فإنه لا يحصل الإسلام بمجرد شهادة أن لا إلاه إلا الله وأن محمدًا رسول الله مع البقاء على عقائد الكفر السابقة. واستدل هؤلاء لما ذهبوا إليه بمثل قول الله تعالى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} . [1] فجعل الاستمساك بالعروة الوثقى مرتبًا على أمرين: على الكفر بالطاغوت وهو التبرؤ من الشرك والكفر والعقائد الباطلة، وعلى الإيمان بالله وهو الشهادة لله بالألوهية وللنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالرسالة. والذي اختاره شيخ الإسلام رحمه الله أن شهادة أن لا إلاه إلا الله وأن محمدًا رسول الله كافية في دخول الإنسان إلى دين الإسلام، ولكن إذا دخل يبين له أن العقائد التي عليها أهل الباطل يجب الكفر بها، وأن كل ما خالف دين الإسلام يجب الكفر به ولا يجوز اعتقاده؛ لأن مقتضى الشهادة الإيمان بالله عز وجل، ومقتضى الشهادة للرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالرسالة تصديقه في الأخبار واتباعه في الأحكام أو الانقياد له في الأحكام. وهاذا القول اختاره شيخنا رحمه الله: أنه لا يلزم للدخول في الإسلام زيادة على ما دل عليه حديث معاذ من الشهادة لله بالألوهية وللرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالرسالة، وأنه فيما بعد إذا حصل منه ما يوجب الكفر نبه عليه، فإن تنبه وإلا فإنه يحكم بردته إذا بُين له الحق ولم ينزع عنه، لكن الإسلام يكفي في حصوله لصاحبه أن يشهد أن لا إلاه إلا الله.

واشتراط التبرؤ من الكفر هو اختيار شيخنا عبد العزيز بن باز رحمه الله.

(1) سورة: البقرة، الآية (256) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام