الصفحة 94 من 952

ثم في هاذا الباب ذكر المؤلف -رحمه الله- آية وحديثين، الآية قول الله تعالى: {قُلْ هاذه سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ} {قُلْ} أمر بالتبليغ، أمر الله -عز وجل- رسوله أن يبلغ الناس، والأمر بالتبليغ الخاص فائدته الاهتمام بهاذا البلاغ والتنبيه إلى ما تضمنه. وقوله: {هاذه سَبِيلِي} المشار إليه ما كان عليه النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من الدعوة إلى التوحيد والتحذير من الشرك، فـ {هاذه سَبِيلِي} أي هاذه طريقي التي أسلكها. ثم بيَّن هاذا السبيل بعد الإِشارة إليه، والذي تفيده الإشارة هو التنبيه وشد النظر والفكر إلى هاذا السبيل، قال: {أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ} فسبيل رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الدعوة إلى الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، وقوله: {عَلَى بَصِيرَةٍ} البصيرة هي نور يقذفه الله في قلب العبد يفرق به بين الحق والباطل والهدى والضلال والغي والرشاد، هاذه هي البصيرة، فرسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمره ربه في هاذا أن يبيِّن للناس أمرين: أن يبين المدعو إليه وذلك في قوله: {أَدْعُو إِلَى اللَّهِ} ، وأن يبين طريقة دعوته إلى الله وذلك في قوله: {عَلَى بَصِيرَةٍ} ؛ لأن من الناس من يدعو إلى الله لكنه على غير بصيرة وهدى، فيفسد أكثر مما يصلح، وإنما يكتمل الصلاح بهذين الأمرين: بالدعوة إلى الله وحده لا شريك له، وبكون الداعية في دعوته على بصيرة ونور وفرقان من رب العالمين يميِّز به بين الحق والباطل.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام