الصفحة 925 من 952

أيضاً مما يبعث في قلب العبد التعظيم التفكر في آلاء الله -عز وجل-، في الآيات التي في السماوات وفي الأرض، ويدلك لهاذا هدي النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: فإنه إذا استيقظ من الليل مسح وجهه ونظر إلى السماء، وكان يقرأ قول الله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السماوات وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآياتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السماوات وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هاذا بَاطِلاً} [1] إلى آخر الآيات في سورة آل عمران. فالنظر في الآيات الآفاقية، النظر في الآيات الخلقية الكونية في الأنفس وفي الآفاق مما يُورث تعظيم الرّب المدبِّر لهاذه الأمور، الذي ما من حركة ولا سكون إلا بعلمه -جل وعلا-، هاذه أمور تُعين الإنسان على تعظيم الله -جل وعلا-، قراءة هدي النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ومنه ما في هاذا الباب الذي ذكره المؤلف -رحمه الله- من حديث جُبير بن مطعم دالٌّ على تعظيم الله، ويشجع على تعظيم الله؛ لأنه يقرأ كيف كان النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُجِل ربه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- إذا سمع ما فيه تنقيص لشأنه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-.

المهم أن الأسباب التي يحصل بها تعظيم القلب الرب -جل وعلا- كثيرة، فينبغي للمؤمن أن يطلب هاذه الأشياء وأن يهتم بها؛ لأنه مثل ما بينا قبل قليل إذا استقام في القلب تعظيم الله -جل وعلا- استقامت أحواله كلها، ونحن نعرف يا إخواني أن التعظيم أحد قطبي العبادة اللذين لا تقوم إلا بهما، قال ابن القيم رحمه الله:

وعبادة الرحمان غاية حبه ... مع ذل عابده هما قطبان

الذُّل لمن يكون؟ إنما يكون الذل للعظيم.

(1) سورة: آل عمران، الآية (190 - 191) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام