الصفحة 921 من 952

(لا يُستَشفَع) هاذا نفي أو نهي؟ لا يُستَشفَع أي لا تُطلب الشفاعة، والشفاعة: هي التوسط في طلب الخير للغير، فقوله: لا يُستَشفَع بالله أي لا تُطلب الشفاعة بالله عند أحد من خلقه، فلا تُطلب الوساطة من الله عند أحد من الخلق، يعني: لا يجوز للمؤمن أن يقول: يا ربي اشفع لي عند فلان حتى ينهي معاملتي أو يحصل مقصودي، فإن الله -جلّ وعلا- أعظم من أن يُطْلَب منه أن يشفع عند خلقه، ولذلك عَظَّم النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قول القائل، وسبّح حتى عُرف ذلك في وجهه، فمعنى قوله: (لا يُستَشفَع بالله على خلقه) أي: لا تطلب الشفاعة من الله عند أحد من الخلق أو لأحد من الخلق، فقوله: (على) له وجهان: إما بمعنى (عند) ، وإما بمعنى (إلى) ، وكلاهما وارد في لسان العرب، أي له من الشواهد ما يدل عليه، فيصح أن تأتي على بمعنى عند، وتأتي على بمعنى إلى، ومنه قوله تعالى: {وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ} [1] . {عَلَيَّ} : قيل في التفسير أي: عندي، وأما (إلى) فمنه قول الشاعر:

إذا ما أتيت على الرسولِ

أي: إذا ما أتيت إلى الرسول، وذكر أصحاب حروف المعاني شواهد كثيرة متعددة لهذين المعنيين.

المراد أن قوله: (لا يُستَشفَع بالله على خلقه) أي: لا تُطلب شفاعته إلى الخلق، أو لا تطلب شفاعته عند الخلق، فعلى بمعنى (إلى) أو بمعنى (عند) .

يقول رحمه الله: (على خلقه) وهاذا يشمل جميع الخلق شريفهم ووضيعهم، ويشمل الإنس والجن والملائكة، فكل من سوى الله لا يُستَشفَع بالله عليه: لا يُستَشفَع بالله عنده، لا يُستَشفَع بالله إليه، فإن شأن الله أعظم من ذلك.

(1) سورة: الشعراء، الآية (14) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام