الصفحة 92 من 952

ثم إنه مما يستفاد من جعل المؤلف -رحمه الله- هاذا الباب في أوائل الكتاب أنه يكفي في فهم دعوة الرسل ما تقدم، فإن الرسل أتوا يأمرون الناس بهاذا الأمر المجمل: لا إلاه إلا الله وحده لا شريك له، يأمرونهم بعبادة الله وحده دون غيره، وعلى هاذا تواطأت دعوة الرسل، فيكفي في دعوة الناس إلى التوحيد أن يُدْعَوا إلى هاذا.

أيضًا مما يفيده تقديم المؤلف -رحمه الله- هاذا الباب قبل غيره أنه يجب في الدعوة إلى التوحيد أن يبدأ بالدعوة إلى أصله وأُسه وأَساسه الذي لا يقوم بغيره، وهو إفراد الله بالعبادة، الدعوة إلى شهادة أن لا إله إلا الله، فإنها كلمة الدخول في الإسلام وهي مفتاح الجنة، هي أول واجب على المكلف وهي آخر ما يشرع للمكلف، فإن (( من كان آخر كلامه من الدنيا لا إلاه إلا الله دخل الجنة ) ).كل هاذا مما يمكن استفادته من تقديم المؤلف -رحمه الله- هاذا الباب بعد ذكره للتوحيد والشرك وقبل ذكره للتفاصيل.

وقوله رحمه الله: (الدعاء إلى شهادة أن لا إلاه إلا الله) ولم يقل: الدعاء إلى التوحيد؛ ليبين ما الذي يُدعى إليه من التوحيد، وهو الدعوة إلى شهادة أن لا إلاه إلا الله وهو توحيد العبادة، فإن الرسل جاءت تدعو إلى هاذا: أن اعبدوا الله، هاذا الذي أمرت به الرسل، عبادة الله وحده: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَاهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ (25) } . [1] فأمر الله -عز وجل- الرسل بالدعوة إلى عبادته وحده.

(1) سورة: الأنبياء، الآية (05) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام