الصفحة 919 من 952

الجواب: يدخل في حسن الظن بالله؛ لأن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال بعد أن عفا أهل الجناية: (( إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره ) ). فهو داخل في هاذا، لكن يُنَبه إلى أنه ينبغي للإنسان أن لا يتوسع في القسم على الله عز وجل؛ لأن من الناس من يقسم على الله عز وجل عند أدنى موجب، وعند أدنى مناسبة، بل إن بعضهم يقسم على الله في دعائه، وسمعنا هاذا من بعض الذين يقنتون في رمضان، يقسمون على الله في القنوت ودعائه أن الله يفعل كذا بالكفار، أو يفعل كذا لأهل الإسلام، وهاذا خلاف الأولى؛ لأن القسم لا يكون عند أقرب موجب، بل ينبغي ألا يقوله الإنسان إلا إذا امتلأ قلبه بتعظيم الله عز وجل، وحسن ظنه به، وعظيم الحاجة إليه، وأن يكون بينه وبين ربه لا يظهره؛ لأنه إن أقسم على الله بين الناس، ثم لم يجب الله، إما أن يقول الناس: إن الله لا يجيب الدعاء، وإما أن يظنوا به سوءًا، حيث إنه لم يدخل في زمرة من قال فيهم النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (( إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره ) ). فما فيه حاجة، ثم إن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مر به ما مر من الكروب، والنوازل، وعظائم الأمور، ولم يذكر أنه أقسم على الله، ولما أخبر -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنَّ البراء بن مالك من الذين إذا أقسموا على الله أبر الله جل وعلا قسمهم، أي: أعطاهم ما حلفوا عليه إكرامًا لهم، ما كان يُقْسِم عند أدنى موجب، بل لما احتاج المسلمون إلى القسم، واشتد بهم الكرب أتوا إليه، فقالوا: يا براء أقسم على ربك، فأقسم عند الحاجة، وجاءهم الفرج، ثم جاؤوه مرة ثانية في نازلة أخرى، فأقسم وسأل الله عز وجل أن يكون أول شهيد، فأبر الله قسمه، فنصر المسلمين، ومنحهم أكتاف أعدائهم، وظفروا بهم، وكان أول شهيد. فينبغي ألا يسرف الإنسان في القسم على الله.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام