يقول: (( من مات وهو يدعو من دون الله ندّاً ) )وفي بعض الروايات: (( من مات وهو يدعو لله ندّاً ) ). والدعاء أصله النداء، ولكنه يفارقه في أنه لا يلزم منه رفع الصوت ولا يشترط فيه حرف النداء، والدعاء يكون بالقول والفعل وأما النداء فلا يكون إلا بالقول الظاهر، والدعاء في هاذا الحديث هو العبادة بجميع أنواعها وصورها. والمراد من قوله: (( يدعو من دون الله ندّاً ) )أي يعبد من دون الله أحدًا، سواء كان هاذا المعبود ملكًا أو رسولاً أو وليّاً صالحًا أو شجرًا أو حجرًا، كل هاذا مما يدخل في عموم قوله: (( يدعو لله ندّاً ) )وهاذا فيه بيان عظم الشرك وخطورة تسوية الله بغيره -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، وتسويةُ غير الله به هي الشرك، بل هي أصل الشرك كما تقدم في بيان الشرك وتعريفه. قوله: (( ندّاً ) )نكرة في سياق الشرط يشمل كل مماثل، فمعنى الند: المثيل والنظير والمساوي. وقيل: هو المثيل المناوئ، لكن هاذا لا يلزم، الصحيح أن الند هو النظير والمثيل والسمي، كل هاذا مما عُرف به الند. وقد نهى الله -جل وعلا- أن يدعى من دونه أندادٌ أو أن يجعل له أندادٌ، فهو -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- المنزه عن ذلك في كل أمر وفي كل شأن، فقال سبحانه: {فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [1] فنهى الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- عن جعل الأنداد، وقوله: {وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} أي: أنه لا ندَّ له -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-؛ لأن هاذا مما استقر في الفطر ولا شك فيه، فإن المشركين يقرون بأنه لا رب إلا الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-.
وقوله: (( دخل النار ) )الدخول هنا هل هو الدخول الأبدي؟
(1) سورة: البقرة الآية (22) .