الصفحة 85 من 952

وفي هاذا الحديث: أنه ينبغي للإنسان ألا يركن إلى ما عنده من الخير، وأن يحذر الشرك الأصغر والأكبر جميعًا، وأن الخوف لا يكون فقط من الشرك الأكبر بل حتى الأصغر، فهو أولى بشدة الخوف؛ لكونه يخفى على الإنسان، بخلاف الأكبر فإنه ظاهر وقد يحترز منه الإنسان، وإبراهيم -عليه السلام- ذكر الخوف من الشرك الأكبر: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ} . [1] الشرك الأكبر في أظهر صوره وهي عبادة الأصنام، والنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذكر الشرك الأصغر في أخفى صوره وهي الرياء، وبهاذا نعلم أن الشرك الأكبر والشرك الأصغر يشتركان في وجوب الخوف من الوقوع فيهما، ويشتركان في وجوب الحذر منهما. وهاذا الحديث ثبت بسند جيد من حديث محمود بن لبيد، ومناسبته للباب ظاهرة.

أما الحديث الثاني فحديث ابن مسعود، وفيه: (أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال:(( من مات وهو يدعو من دون الله ندّاً دخل النار ) ).)

(( من ) )شرطية، و (( مات ) )فعل الشرط، وجوابه قوله: (( دخل النار ) ). وأما قوله: (( وهو يدعو من دون الله ندّاً ) )فهاذه جملة حالية، أي: من مات حال موته وهو على هاذه الحال وهو على هاذه الصفة فإنه موعود بدخول النار، نعوذ بالله من الخذلان.

(1) سورة: إبراهيم الآية (35) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام